سأوصف لكم في أول حصة دراسية في مقاعد الجامعة لعلم التشريح، ما إن دخلنا المعمل كانت رائحة الجثث واضحة مميزة! كان بالي منشغل عن الشرح، شعور الرهبة والخوف والحماس يسيطرون عليه لدرجة شُتِتْ تركيزي بمحتوى الدرس.
بدأ وقت التطبيق العملي، اقتربنا منها، استشعرت قول الله سبحانه وتعالى في استفتاحه لسورة الليل: "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تجلى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى" ما هذا الجسد العظيم الذي اقسم خالق الكون به وميزه بين نوعين ذكر وانثى!
نحن نُصنّف تحت فصيلة الثدييات ومن اسم الفصيلة يتضح الهدف؛ فإناث هذه الفصيلة يتميزون بأثداء موجودة منذ نشوء الخليقة، هذه الأثداء كانت ومازالت مصدر الغذاء الأول للإنسان.
مؤمنة ايمان تام بكمال هذا الخلق، مؤمنة بعظمة الله في امتلاك الأنثى لكهف صغير وهو الرحم الذي صممه الخالق بهذا الشكل الفريد لصنع النفس البشرية بعد إرادة الله، وغزارة جدار الرحم بالأوعية الدموية لتكوين هذا الجنين، وتفردها أيضاً بثديين تسقي فيهما طفلها حليباً غنياً بالحب والرعاية. إذن الموضوع تعدى مجرد توفر الحليب كغذاء، هل تريدون أن تتعمقوا أكثر بالفكرة المراد توصيلها، فقط أسالوا أي سيدة ماهي مشاعرها أثناء سقيها لرضيعها من ثديها وتعمدت ذكر كلمة (رضيع) استناداً لمعناها في اللغة العربية من الرضاعة.
إذا اعتقدتِ سيدتي بأنك ستفشلين في هذا الأمر الفطري والمقصود هنا الرضاعة الطبيعية، تفكري معي بخلق العظيم الذي خلق الجبال والسماء والكواكب والمجرات و سلّح جسدك بأجهزة نظام تعمل بشكل قد تعينه وقد لا تعينه!
لنتحدث هنا فقط عن هذا الجزء البسيط من الجسد عن تشريح الثدي، لأنه لو سنتطرق لرحمة خلق الله لا يكفني مجلدات لإحصائها سبحانه جل جلاله. نسيج الثدي يحتوي على دهون و فصوص التي تحتوي على عدد هائل جداً من الغدد الحليبية، لذلك الذي يعطي الثدي حجم كبير أو صغير هي الدهون المحاطة به بينما جميع السيدات يمتلكن نفس عدد الغدد الحليبية، ما أعدل خلق الله.
الفصوص الموجودة بنسيج الثدي محاطة بطبقة رقيقة من النسيج الضام لذلك أثناء عملية الرضاعة الطبيعية تنقبض هذه الأنسجة المحاطة حول الغدد كي تضخ الحليب الى القنوات الحليبية التي بدورها تخرجه الى الحلمة كي يتم إرضاع طفلك، والهرمون المسؤول عن انقباض تلك الأنسجة هو (هرمون الاوكسيتيسون) والمعروف بهرمون الاوكسيتيسون أنه يفرز بالأوقات الغريزية: أثناء الرضاعة، أثناء المخاض، أثناء الدورة الشهرية، أثناء الجماع. لذلك قد تشعرين في بعض الأحيان بانقباضات في رحمك أثناء الرضاعة وذلك نتيجة لتدفق الاوكسيتيسون بجسدك.
كما تعرفنا على الهرمون الذي يعصر الغدد الحليبية، يوجد أيضاً هرمون آخر مهم في عملية الرضاعة وهو المسؤول عن انتاج الحليب والمسمى ( بهرمون البرولاكتين) الجيد بالذكر أنه كل ما كان يوجد تحفيز كل ما كان انتاج الحليب أكثر، والتحفيز هنا أقصد به رضاعة طفلك لثدييك سواء كان يوجد حليب أولا، وايضاً وضع رضيعك على صدرك و شمّ رائحته او النظر الى صوره اذا كان بعيد عنك، كلها عبارة عن محفزات ترسل إشارات للغدة الصنوبرية في الدماغ تخبرها أن تنتج اوكسيتيسون و برولاكتين أعلى وبالتالي غريزة أعلى ورضاعة فعّالة.
لذلك كل ما سمعتي هذا المصطلح: "صدري نشف" اطلبي من الأم أن تضع طفلها على صدرها وتحاول ارضاعه حتى ولو لم يتدفق حليب، واذا واجهت الأم مشاكل في الإلتقام او في الرضاعة بحد ذاتها، تتواصل مع مرشدات الرضاعة الطبيعية المرحبات دائماً بخدمة الأمهات.
ملاك مشعل العتيبي
مختصة علاج طبيعي بصحة قاع الحوض – مثقفة ولادة طبيعية معتمدة – مرشدة رضاعة طبيعية معتمدة
معلومات رائعة! سبحان الخالق العظيم