معاملة مأساوية ~ وأهمية مشاعر الأم

عائشة الحجار - ترجمة نور سلمان

مقتبس مما وصلنا مؤخرًا من إحدى قصص الولادة:

"تسرب ماء الرحم... ولكن لمّا يبدأ الألم. كنت مطمئنة لأنني أحسست بحركة طفلتي... [وأردت] البقاء في المنزل حتى بداية  مرحلة الطلق النشط. ولكن أمي كانت قلقة جدًا فذهبنا للمستشفى... ولم يأت الطلق بعد. فحصتني الطبيبة فحصًا مزعجًا ومؤلمًا وأقرت بعدم توسع عنق الرحم، ثم أرسلتني لعمل فحص السونار. أظهر الفحص أن وزن الجنين ٤ كغ وأن ماء الرحم قليل لا يكفي الجنين لذا طلبت الطبيبة تسجيل دخولي المستشفى وقالت إذا لم يأتيني المخاض،فسيحفزونه، وأن نبض الجنين عالٍ فإذا ما انخفض، فعليهم القيام بعملية قيصرية.

قاموا بتحفيز المخاض وقت الفجر وبدأت أشعر بآلام محتملة. والحمد لله عاد نبض الجنين للمستوى الطبيعي. ولكنهم ظلوا يفحصون توسع عنق الرحم كل ساعتين أو ثلاث ساعات - بالرغم من رجائي لهم بعدم فحصي، ولكنهم لم يصغوا لي.

كانت الطبيبة فظة جدًا وقالت لأمي أنتم أردتم ولادة طبيعية فلتتحمل الألم. لقد وضعوا لي المغذي الوريدي مباشرة بعد تسجيلي دخول المستشفى... وربطوا جهاز [مراقبة نبض الجنين] على بطني فلم أستطع الحركة. على أية حال، فقد فتحت الطبيبة باقي كيس الماء مما أبكاني... نقلوني لغرفة الولادة... وتركوني وحيدة، فقط ممرضة كانت تأتي كل فترة لفحصي مما زاد ألمي. ولما توسلت إليها بعدم فحصي، قالت أنها تحاول مساعدتي... أعطوني غاز للتغلب على الألم وأظن حقنة أيضًا لأني لم أعد أتذكر...

آه، بقيت هذه الطبيبة فظة وصارت تصرخ علي بأن أمسك بفخذي بشكل صحيح وأوسع بين ساقيي قدر الإمكان وأرفع نفسي. الحمد لله أن ولدت طفلتي وشعرت بالراحة لظني أنها لم تقصني من الأسفل، ولكن! للأسف الشديد كانت الطبيبة تجهز لخياطتي [لأنها قصتني]... شعرت حينها بالخيانة والعجز.  لماذا لم تبلغني أنها ستقص العجان؟

وعلى أي حال، لم يعطوني طفلتي إلى أن غسلوها وألبسوها وحتى بعد ذلك، فقط عرضوها عليّ ثم أخذوها لأبيها والأقارب..."

لا ينبغي للولادة أبدًا أن تكون هكذا

لماذا نقبل المعاملة القاسية وبدون دليل علمي؟ للكلمات أثر، وما يقال للأم أثناء المخاض يؤثر فيها، وما تشعر به الأم مهم جدًا. صحيح أن هناك حاجة للإجراءات والتدخلات أحيانًا... ولكن على الأغلب ما نفعله للأمهات أثناء المخاض ليس له دليل علمي وليس ضروري بل على العكس يكون مؤذ لها. وإن كانت هناك حاجة حقيقية للتدخل، فينبغي الحصول على الموافقة عن بيّنة (ومع احترام رفض الأم إن قررت ذلك).

لهذا السبب نقوم بهذا العمل!

١- ظلوا يفحصون توسع عنق الرحم كل ساعتين أو ثلاث ساعات - بالرغم من رجائي لهم بعدم فحصي، ولكنهم لم يصغوا لي. —> لا يعتبر الفحص المهبلي الموافق عليه عمل جائر وحسب، ولكنه مؤلم ولا ضرورة له. ناهيك عن الفحص المهبلي المرفوض. وبالمناسبة، إذا قالت المرأة لا، فيعني "لا!" وأنه غير مسموح لك بدخول مهبلها. أبدًا وقطعًا.

٢- كانت الطبيبة فظة جدًا وقالت لأمي أنتم أردتم ولادة طبيعية فلتتحمل الألم. —> لماذا يشعر بعضهم أنه لا مانع من الاستهزاء بالأم أثناء مخاضها؟ أين الرحمة؟ أين الرعاية المشجعة؟

٣-وربطوا جهاز [مراقبة نبض الجنين]على بطني فلم أستطع الحركة. —> هناك أسباب لمراقبة نبض الجنين باستمرار مثل تحريض الطلق بالعقاقير كما حدث لهذه الأم. ولكن للعلم، بالنسبة للأمهات السليمات ومنخفضات المخاطر واللاتي لم يأخذن أي عقاقير،  فإن استخدام جهاز مراقبة نبض الجنين باستمرار لا أساس له في الممارسات المبنية على الأدلة العلمية، ولا يؤدي إلى نتائج أفضل، بل على العكس يعتبر إجراء مضر عندما يتم عمله بشكل روتيني.

٤- فتحت الطبيبة باقي كيس الماء —> لماذا؟! ألم يحرضوا الطلق لأن ماء الرحم قليل؟ الله المستعان.

٥- وتركوني وحيدة —> وتقصد أنهم عزلوها عن الشخص الداعم لها.

٦- توسلت إليها بعدم فحصي —> مرة أخرى، أي جزء من رفضها لم يُفهم؟!

٧- أعطوني غاز للتغلب على الألم وأظن حقنة أيضًا لأني لم أعد أتذكر...—> يبدو وكأنهم أعطوها بيثيداين، ولكني غير متأكدة من ذلك. وبغض النظر عن ذلك، فلقد حقنوها بدون إعلامها وموافقتها.

٨- وصارت تصرخ علي بأن أمسك بفخذي بشكل صحيح وأوسع بين ساقيي قدر الإمكان وأرفع نفسي. —> أولُا، من أعطاها الحق بأن تصرخ على أحد؟ وبالأخص على امرأة في حالة ضعف! ناهيك عن أن توسيع الساقين من الممارسات السيئة أساسًا.

٩-[لأنها قصتني]... شعرت حينها بالخيانة والعجز.  لماذا لم تبلغني أنها ستقص العجان؟ —> قَص العجان من الممارسات القديمة ولا يلجأ له إلا نادرًا، ولكن من الحقارة والخبث أن يتم فعل ذلك بدون إذن الأم. لقد أقرت وزارة الصحة السعودية بعدم قص العجان إلا في الحالات الطارئة، ومع ذلك لا بد من موافقة الأم عن بيّنة.

١٠- لم يعطوني طفلتي إلى أن غسلوها وألبسوها وحتى بعد ذلك، فقط عرضوها عليّ ثم أخذوها لأبيها والأقارب...—> من المؤلم جدًا أن لا تحظى هذه الأم بلحظات ممتعات مع طفلتها بعد طول معاناتها، وكأن الأم حاوية فارغة والطفلة جائزة للعائلة... فعلًا مأساة مؤلمة إضافة إلى قسوة ذلك على الأم والطفلة سواء لأن غريزتهما وحاجتهما في تلك اللحظة أن يكونا معًا... كذلك فإن إبعاد الطفل عن أمه من الممارسات الضارة وليس مبنيًا على أي برهان علمي.

أكرر مجددة: لهذا السبب نقوم بهذا العمل! إن تثقيف الأمهات والآباء والعوائل ومقدمي الرعاية الطبية والمجتمع أمانة علينا لأن العلم نور والاستعداد عامل جوهري.

عسى الله أن يمنح الأمهات ما هو أفضل من ذلك، لأننا جميعًا نستحق الأفضل في أمور عناية الحمل الطبيعي. اللهم اهد مقدمي الرعاية الطبية للأفضل، آمين.

 انضم لنا لتحسين الممارسات الطبية  AMANI_BIRTH#